
الأدوار التي رفضها الممثلون ثم أصبحت أيقونية: حين يختار القدر نجومه
في عالم السينما، يُعد اختيار الممثل المناسب للدور المناسب قرارًا بالغ الأهمية، لا يقتصر أثره على جودة الفيلم فقط، بل يمتد ليُغير حياة الممثل نفسه ومسيرته المهنية بأكملها. وقد شهدت هوليوود والعالم العربي والعالمي عشرات القصص لممثلين رفضوا أدوارًا ظنوا أنها لن تنجح، أو لم ينسجموا معها، لكنها تحولت لاحقًا إلى علامات فارقة في تاريخ السينما، وأصبحت مرتبطة بأسماء ممثلين آخرين حققوا بها شهرة واسعة. في هذه المقالة، نُلقي الضوء على أبرز تلك القصص، وكيف كان للرفض أحيانًا دور في كتابة قدر جديد لأشخاص آخرين.
1. آل باتشينو ودور هان سولو في Star Wars
ربما يصعب اليوم تخيل أي ممثل آخر غير هاريسون فورد في دور هان سولو في سلسلة “حرب النجوم”، لكن الحقيقة أن الدور عُرض أولاً على آل باتشينو. في سبعينيات القرن الماضي، كان باتشينو نجمًا صاعدًا بعد نجاحه في “العراب”، وقد عُرض عليه الدور الرئيسي في Star Wars، لكنه رفضه لسبب بسيط: لم يفهم السيناريو! في مقابلات لاحقة، قال باتشينو ضاحكًا: “كنت نجم ذلك الوقت، وكانت العروض تنهال علي، لكني لم أفهم عالم الفضاء والمجرة”.
رُفض باتشينو، ففتح الباب أمام هاريسون فورد، الذي لم يكن معروفًا آنذاك، ليصبح أيقونة سينمائية، ويبدأ مسيرته الذهبية.
2. جون ترافولتا يرفض “Forrest Gump”
عُرض دور فورست غامب أولاً على جون ترافولتا، لكنه رفضه معتقدًا أنه “غامض وغير جذّاب”. اليوم، يُعتبر هذا الدور من أروع ما قدّمه توم هانكس، وحصل بفضله على جائزة الأوسكار. ليس ذلك فقط، بل أصبح فورست غامب شخصية خالدة في ذاكرة السينما، وجُملته الشهيرة “الحياة مثل علبة شوكولاتة” من أكثر الاقتباسات تداولاً.
وقد عبّر ترافولتا لاحقًا عن ندمه لرفض الدور، قائلًا: “ربما لم أكن لأؤديه كما فعل هانكس، لقد كان مذهلاً”.
3. ويل سميث يرفض دور “نيو” في The Matrix
قبل أن يُسند دور “نيو” إلى كيانو ريفز، عُرض على ويل سميث، الذي كان نجمًا في صعود مستمر بعد أفلام مثل “Men in Black”. لكنه رفض الدور، مفضلًا بطولة فيلم “Wild Wild West” الذي لم يحقق نجاحًا يُذكر. لاحقًا، اعترف سميث بأنه لم يكن ناضجًا بما فيه الكفاية لفهم ثقل الفيلم وثوريته في ذلك الوقت.
أما “The Matrix” فقد أصبح من أهم أفلام الخيال العلمي في التاريخ، وارتبط اسم كيانو ريفز بهذه الشخصية إلى الأبد.
4. توم هانكس يرفض “Jerry Maguire”
من المفارقات السينمائية المثيرة، أن توم هانكس رفض دور “جيري ماغواير” الذي أداه لاحقًا توم كروز، وحقق به نجاحًا ضخمًا. اعتقد هانكس أن توقيت الفيلم لا يناسبه، لأنه كان مشغولًا بإخراج عمله الأول. لكن الدور ذهب لكروز، الذي قدّمه بأداء درامي رائع جعله مرشحًا للأوسكار.
اليوم، تُعد شخصية “جيري ماغواير” واحدة من أكثر الشخصيات المحبوبة في مسيرة كروز، والعبارات التي قالها في الفيلم ما زالت تُقتبس حتى الآن.
5. إميلي بلانت ترفض دور “Black Widow”
قبل أن تُصبح سكارليت جوهانسون الوجه الرسمي لشخصية “بلاك ويدو” في عالم مارفل، كانت المرشحة الأصلية هي إميلي بلانت. لكنها اعتذرت بسبب التزامها بفيلم آخر، ولم تكن تتوقع أن تتحول الشخصية إلى ظاهرة ثقافية. أما جوهانسون، فقد جعلت من “ناتاشا رومانوف” شخصية محورية في عالم الأبطال الخارقين، وواحدة من أكثر الشخصيات النسائية تأثيرًا في العقد الأخير.
6. ليوناردو دي كابريو يرفض “American Psycho”
في أواخر التسعينيات، كان ليوناردو دي كابريو قد أنهى لتوه نجاحه الساحق في “تيتانيك”، وكان مرشحًا لدور “باتريك بيتمان” في “American Psycho”. لكن الضغوطات الجماهيرية وخوفه من تأثير الدور على صورته دفعته للانسحاب. فذهب الدور إلى كريستيان بيل، الذي قدّم أداءً خرافيًا جعله نجمًا صاعدًا، وفتح له الطريق لأدوار أعمق مثل “The Dark Knight”.
7. عبد الحليم حافظ يرفض بطولة “في بيتنا رجل”
ننتقل الآن إلى السينما العربية، وتحديدًا إلى مصر، حيث كان الفنان عبد الحليم حافظ مرشحًا لبطولة فيلم “في بيتنا رجل”، الذي أخرجه هنري بركات عام 1961. لكنه رفض الدور لعدم اقتناعه بالشخصية الثورية. فذهب الدور إلى عمر الشريف، الذي قدّمه ببراعة، وكان من العوامل التي رسّخته كنجم عالمي لاحقًا، خاصة بعد انتقاله إلى هوليوود.
8. أحمد زكي يعتذر عن “النمر والأنثى”
يُقال إن الفنان أحمد زكي كان المرشح الأول لفيلم “النمر والأنثى”، لكنه رفضه بسبب خلافات إنتاجية. فذهب الدور إلى عادل إمام، الذي قدم أداءً قويًا وجعل الفيلم من أشهر أعماله في التسعينيات. وقد أسهم الفيلم في تثبيت صورة “البوليس القوي” في الدراما المصرية لفترة طويلة.
حين يغير الرفض التاريخ
من خلال هذه الأمثلة، يتضح أن قرار الرفض، حتى وإن كان مبنيًا على اعتبارات منطقية، يمكن أن يكون لحظة فارقة في تاريخ الممثل وفي مسار العمل نفسه. ففي أحيان كثيرة، يرتبط نجاح الفيلم ليس فقط بعبقرية السيناريو أو إخراج العمل، بل بتجسيد الممثل للشخصية بشكل يجعلها خالدة.
إن ما يجمع هذه القصص ليس الندم بحد ذاته، بل الدهشة من كيف أن دورًا يُرفض من قبل نجم، يتحول إلى علامة في مسيرة نجم آخر. وربما يكون في هذا حكمة خفية: أن الأدوار تختار أصحابها، وليس العكس.